روح ولدت من طغيان هدد العالم بأسره , من حرب شردت الأحياء قبل الأموات ,من أيام لم تكتب لها السعادة … إيمانها لم يتأثر بماسي الحياة بل جعلها سببا للعيش و الاستمرار بنفس أقوى ;إنها ‘’فاطمة الفهرية’’ مؤسسة أقدم جامعة بالعالم.
825م كانت سنة التغيير في حياة الطفلة فاطمة الفهرية ,حين توافدت رفقة والدها محمد بن عبد الله الفهري و أختها مريم الفهري مع مجموعة من المهاجرين من قيروانيين (تونس) هروبا من الحرب إلى مدينة مولاي إدريس 2 (سابقا) وفاس (حاليا) بالمغرب … لم تكن تفكر في ذلك الوقت بأنها ستصبح أسطورة يحاكا بأخلاقها و كرمها الذي بصم في حياة الكثيرين.
تربت فاطمة الفهرية على القيم الإسلامية ساعدها في أن تكون أكثر رضا بمتقلبات الأيام وصمودا أمام العقبات و الابتلاءات .فبعد وفاة والدها ورثت الكثير من المال هي و أختها مما جعلها تفكر بحذر بما يمكن أن تفعله بتلك الثروة .
لحظة تأمل كانت كافية للإجابة عن سؤالها, فمعاناة الآخرين كانت تحز في نفسها و تشبتها بمبادئها الإسلامية وإيمانها القوي جعلاها تطمح للآخرة عبر صدقة جارية تنور دربها الدنيوي و الأخروي , و ذلك بتأسيسها لجامع يكون ملاذا للهاجرين والفقراء.
فاتح رمضان من سنة 245هـ /859م (القرن التاسع) كان بداية الأشغال في المسجد الذي سمي مسجد القرويين حيث حرست فاطمة الفهرية على مواكبة جميع مراحل البناء بنفسها التي انتهت سنة 263هـ .
توفيت فاطمة سنة 263ه لتترك ورائها معلمة دينية التي ستصبع فيما بعد معلمة علمية تدخل التاريخ كأقدم جامعة في العالم .فبجانب الصلاة و التعبد كان مسجد القرويين قبلة للباحثين عن العلم و المعرفة من شتى بقاع العالم باختلاف أفكارهم و مذاهبهم و لكلا الجنسين كانت تعطى دروس في شتى العلوم من طرف أساتذة مرموقين من مختلف البلدان ك أبو عمران الفاسي
وابن العربي .
أصبح مسجد القرويين في القرن 12 جامعة تخرج منها مجموعة من العلماء ك ابن خلدون و لسان الدين بن الخطيب كما زارها العديد من المفكرين و المؤرخين أمثال الشريف الإدريسي و ابن زهر …
تعتبر حاليا جامعة القرويين هي أول جامعة في العالم حسب موسوعة غينيس للأرقام القياسية , لتصبح في وقتنا الراهن قلب مدينة فاس المغربية و معلمة تاريخية عالمية دشنت من طرف امرأة مغربية .