مدة القراءة

3 دقائق

مقتطفات من حياة الخطاط عثمان طه كاتب مصاحف المدينة النبوية

11672 قراءة

هل تعلم أن المصحف الذي يعرف باسم “مصحف المدينة” تم كتابته بخط رجل واحد فقط؟ هذا الرجل هو الخطاط السوري “عثمان طه”، حيث خلافًا للاعتقاد الشائع، لم يتم طباعة مصحف المدينة المنورة – الموجود اليوم بملايين البيوت المسلمة عالميًا –  على حاسوب، ولكن تم كتابته بخط اليد بواسطة هذا الخطاط العظيم.

من هو عثمان طه؟

ولد الشيخ عثمان طه عام 1934م بقرية بالقرب من حلب في سوريا لعائلة من المزارعين، وكان والده إمام القرية وخطيب المسجد. كان لدى الشيخ عثمان شغف شديد بالخط حينما كان صغيرًا في السن، إلا أنه اضطر للإنتظار لحين الإنتقال إلى دمشق، وتمكّن هناك من الحصول على البكالوريوس في الشريعة من جامعة دمشق.

التقى الشيخ عثمان طه بالعديد من الخطاطين العظماء في سوريا مثل كبير الخطاطين محمد بدوي الديراني، والخطاط العراقي هاشم البغدادي، وبعد ذلك سافر إلى اسطنبول، وتمكن من الإلتقاء بأكثر الخطاطين شهرة في ذلك الوقت وهو حامد العميدي وحصل على شهادة منه.

عثمان طه وكتابة المصحف الشريف

قام الشيخ عثمان طه بكتابة النسخة الأولى للمصحف الشريف في عام 1970م لوزارة الأوقاف السورية، وبعد ذلك في عام 1988م جاء عثمان طه للمملكة العربية السعودية وتم تعيينه ليكون خطاطًا بمجمع الملك لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، وصار عثمان خطاطًا لمصاحف المدينة النبوية.

قام الخطاط عثمان طه بكتابة أربعة مصاحف لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، وكانت جميع تلك المصاحف مكتوبة بخط يده، وتم طباعة حوالي 200 مليون نسخة من تلك المصاحف وتوزيعها على العديد من الدول حول العالم.

عثمان طه

مزايا كتابة عثمان طه للمصحف الشريف

يمتاز عثمان طه في كتابته للمصحف بأنه كان يكتبه بالرسم العثماني، كما كان يحرص على أن تنتهي جميع الصفحات مع نهاية إحدى الآيات، مما جعله متميزًا في كتاباته، وقد قام بكتابة المصحف الشريف ما يزيد عن ثلاثة عشر مرة.

تلقى عثمان طه دراسة علمية أكاديمية بخصوص خط النسخ، كما أنه كان مجيدًا للنوع الكلاسيكي من الخط، واستطاع بعد ذلك أن يكون له أسلوب متميز وفريد في كتابة المصاحف، وبالتالي انتشرت طباعة مصاحفه بالعالم الإسلامي كله.

وبالرغم من أنه يبلغ من العمر الآن 86 عامًا، إلا أنه لازال مستمرًا في الكتابة، ولا يشعر بالوهن، ودائمًا ما يحب إكمال كافة ما يتعلق بالمصحف الشريف والروايات القرآنية بدون الشعور بالضعف، فهو يجد في ذلك متعة كبيرة.

من هو صاحب الفضل على الخطاط عثمان طه؟

ذكر الخطاط عثمان طه أنه يُرجع الفضل في تَفوّقه وإبداعه بالخط إلى والده، فقد كان شيخًا فاضلاً ومُشجّعًا لموهبته، وكان يحثّه دائمًا على تنمية تلك الموهبة، كما أنه وجّهه إلى أهمية العلم، وأنه لابد له أن يتعلّم حتى لا يصبح خطاطًا جاهلاً، بل عليه السعي ليصبح خطاطًا عالمًا.

كتابة الخطاط عثمان طه

جولة في حياة الخطاط عثمان طه

– يحافظ الخطاط عثمان طه على أجواء خاصة حينما يقوم بكتابة المصحف، فهو يكون في خلوة عن البشر جميعًا، ويدخل في حالة من الاندماج مع الخط وكلمات القرآن الكريم للحد الذي قد يجعله لا يشعر بالسارق إذا دخل عليه وقام بسرقته على حد قوله، كما أنه يكون متوضئًا قبل أن يبدأ في الكتابة.

– في إحدى المرات التي كان يقوم فيها الشيخ عثمان بكتابة المصحف، حدث أمر غريب جدًا، فحينما كان جاهزًا لكتابة صفحة بالمصحف الشريف بالمطبعة، وجد أن القلم الخاص بالكتابة لا يكتب، ورغم محاولاته العديدة للكتابة إلا أنها جميعها فشلت، وأثناء ذلك تذكر أنه لم يتوضأ، فقام وتوضأ ثم عاد مرة أخرى، وحينما أمسك القلم وكتب “الله نور السموات والأرض” فوجئ أن القلم عاد للعمل.

– قام عثمان طه بدراسة القرآن الكريم، مما جعله قادرًا على فهمه بسهولة ويسر، وهو يحب أن يكتب الآيات المتعلقة بالنعيم في الجنة، ويتمنى أثناء كتابتها ألا تنتهي ابدًا، أما حينما يكتب الآيات التي تتعلق بعذاب الآخرة وأشكال هذا العذاب، فإن يداه تبدأ في الارتجاف خلال الكتابة، ويحاول أن يتمالك نفسه لكي لا يكتب بخط مختلف عما كتب به من قبل.

– قام الشيخ عثمان طه بالتقدُّم بطلب للحكومة السعودية لكي يزور الكعبة المشرفة من الداخل، وبالفعل حصل على سماح بالزيارة، وبذلك نجح في تحقيق حلمه، وقد كان سعيدًا للغاية بهذا الأمر، وكان يشعر بالهيبة حينما دخلها وقال إن ذلك مستمد من هيبة الله سبحانه وتعالى.