مدة القراءة

2 دقائق

لما أقرأ….؟

2694 قراءة
1

طويت أخر صفحة من كتابي المفضل، ومرة اخرى قد أخذني الى مكاني المفضل، لم يمضي على انتهائي من قراءة الكتاب الى ثواني وعادت الرغبة تمتلكني لفتح الصفحة الأولى مجدداً، أذكر كل الكلمات في كل الصفحات فأنا لم اعد القارئ بل أنا المتذكر لما قراءته.
تمددت على السرير في محاولةً لنوم، و لكن لم يغيب الكتاب عن بالي لو للحظة واحدة، أغلق عيناي في محاولة ً لأخذ ساعات او حتى اقل من الراحة، قيلولة ولو لدقائق لكن كل محاولاتي فاشلة ، في داخلي أنا اعرف سر تحرر من زنزانة هذه الكتاب ، يجب علي ان أبدا في كتابا جديد. 

.معضلة جديدة فما يفك أسري ، نفس ما يزيد ادماني، و ما أجمله من ادمان ، حملت الكتاب الجديد و جلست محضراً نفسي لساعات من القراءة ، لامست أصابعي الغلاف الهش ، فكتمل الاندماج بيني و بين صفحات ، و فاحت رائحة الحبر الأسود ، أخذت نفساً طويلاً قبل القراءة ،مستعداً لما سأوجه ، قرأت اول سطراً ، و كان هذه كافي لأحب مجدداً.

مرت الساعات بلمح البصر ،تطايرت الصفحات بسرعة كبيرة ، فأنا على وشك ان انهي الكتاب في جلسة واحدة ، فلم يمضي على حملي لهذا الكتاب ليلة واحدة ، و قد قاربت على إنهائه ، لم أشعر بمرور أياٍ من الدقائق ، فالزمن غير موجود في عالم الكتاب ، فكلُ مفاهيم الوقت تتلاشى عند القراءة ، تمر ساعات و أيام و أنا جالسٌ أمشي بين الورق ، وضعت الكتاب فوق طاولة قبل أن أكمله ، لم يكن قراري بل أجبرت عليه ، فالإرهاق قد تحكم بي ، قدرتي الجسدية تحارب ارادتي لمتابعة الكتاب ، كل ما احتاجه هو الراحة ، لتعيد الي خياراتي.

 تخلصت من تعبي ، و عدت الى الكتاب فوق الطاولة ، فقد استحوذ على أفكاري و تحكم بعقلي، قد اجتاح الكتاب عالمي ، لم اعرف أني ضعيف من قبل، فمَن خلال القلم أبسط الأدوات و أفتكها ، استسلمت الى تلاعب الكتاب بي .    

القلم هيبة عرفها الأدباء ، القلم هو أعظم الرسل ، القلم هو أنبل الأسلحة ، القلم الذي يحمل قطرات من الحبر نقل آلاف السنيين من المعرفة و العلم ، هو و الذي يرفع الامم و يدمر الممالك .

الكاتب قد فعلها مرة اخرى ، استطاع باستخدام الورق و القلم بان يسحر القارئ ، من خلال الأدب استطاع أن يتواصل معي ، فنحن لسنا من نفس الزمان و لا من نفس المكان ، نحن لم نلتقي و لكنني اعرفه ، لانه تمكن بان يأسرني باستخدام الأحرف ، و ما أروعها من حروف ، هي التي تشكل أجمل الألحان ،ثمانية و عشرين حرفاً لتشكيل سلسلة لا متناهية من الكلمات تحمل بينها أروع المعزوفات.

قد اخترت دربي ، درب عشق الأدب ،درب ُحبٌ للقراءة و الكتابة ،درب الحرية و العلم ، درب مملوء بالطرق ، تختار الطريق الذي يعجبك ، أنا اخترت طريقي، طريقٌ ممهدةٌ لمحبيها ، و كانت كل خطوة في هذه الطريق بمثابة الحلم ، هذه الطريق هو هروبٌ من الواقع الى عالم الخيال .

لما أقرأ. … لأنني لا أعرف الى القراءة ، لأن سعادتي لا تكتمل إلا من خلال القراءة ، لأن القراءة أبسط الطرق و أجملها للضياع بين الحقيقة و الظلال.