مدة القراءة

< 1 دقيقة

قصة قصيرة : هلا ساعدتني؟

1018 قراءة

المقارنة، لطالما استخدمت هذه الأداة العقلية المحببة إلى قلبي، قارن بين دالتين، بين نواتج رياضية، بين معادلة والأخرى، بين أداء ماكينتين أو حتى بين شخصين..

لأول مرة أقف حائراً ممسكاً بعقلي بين يدي محاولاً الضغط على زر يضيء باللون الأحمر، ملصق بأسفله كلمتين بخط مزخرف تقولان 

-“قارن بينهن”-

لا تقوى يدي على الحراك، ومخي المعلق بين أصابعي يبعث بموجات من الألم تجتاح جسدي كلما فكرت، -فقط فكرت- في الضغط على الزر.. ربما الألم الذي سينتج عن الزر يرعبه لهذه الدرجة، لدرجة إنه يذيقني منه ما استطاع..

لم أتصور يوماً ان عملية المقارنة قد تكون مؤلمة بهذا الشكل، فأنا أعلم إنني قارنت بين الخير والشر ولم أجد صعوبة،
بين الصيف والشتاء ففضلت نهاية الصيف وبداية الشتاء،

بين أشياء كثيرة تتناقض او تتشابه ولطالما استطعت نصر فائز على الأخر..

مشكلتي هذه المرة هي القتل، نعم..

هذه المرة عندما أضغط هذا الزر، وتبدأ خلاياي العصبية في توصيل الكهرباء وتتغير كيمياء مخي وتزيد كمية الجلوكوز المتدفقة ناحيته لأن “البيه” سيفكر.. سينتهي الأمر بموت أحدهم، بموت الخاسر، أو بموتي أنا، أن تبقى مني شيء على أي حال..

هذه المرة غير،

هذه المرة أنا أعرف الفائز بدون محاكاة حاسوبية تدلني عليه،

هذه المرة، سأقتل -بداخل عقلي- شخصاً ما، تجرأ وحاول ان يملأ فراغاً بداخلي ليس مصمما له، كقطعة من ال “بازل” التي تحاول عنوة ان تنهي لوحة لا تخصها..

حقيقة، أنا لست مرتاباً من القتل، انا مرتاب من بقايا نفسي التي سأجدها في انتظاري جالسة على كرسي خشبي قديم، ممسكة لفافة تبغ تقرب على الانتهاء، وتلك النظرة في عينها، النظرة التي لا تدل على وجود شخص ما وراء هذه الأعين..

انا حقيقة مرتاب من الحقيقة، أنني أعرف الفائز واخافه، أعرف إنه حي بداخلي بالرغم من دفني له، أعرف ان بقايا نفسي الجالسة على الكرسي ستقف فجأة، تلقي السيجارة في الهواء وتسحب فأساً، وتأخذ نفساً عميقاً إستعداداً للحفر، وتنظر لي في تحدٍ بابتسامة وتقول “هلا ساعدتني؟”