مدة القراءة

2 دقائق

قصة قصيرة : الخالد والشاردة -قصة نجمان-

2595 قراءة

(كل ما ورد من معلومات علمية لم يتم مراجعتها للتأكد من صحتها , وجب التنويه)

تتبعنا الإنفجار الأعظم  ملايين الأعوام إلي الوراء , بالأخص عند تلك اللحظة التي انفصلت فيها مجرة درب التبانة ..

صارت مجرة كاملة , ثائرة ولكنها ستؤول للإستقرار يوماً ما ..

في خضم التصارع والتجاذب بين القوى الكونية وبين ثقوب سوداء عاتية تعمل كالمكنسة تشفط حتي الضوء ..
نجد هذان النجمان ..
 وبما إننا لا نزال في ما قبل التاريخ والبشر والعهود والوعود ..  دعونا نسميهم بأنفسنا ..
لنسمي الأول خالد والثاني شاردة ..

وراء هذين الاسمين دلالات تسطر هيكل قصتنا هذه .. خالد لديه الكثير من المادة بداخله , سيتطلب إخماده ملايين السنين أو ثقباً اسوداً قاتلاً ..
أما شاردة فهي شاردة , لها حجم كبير لكنها نجم غازي ينشط أسرع وينفذ أسرع ودعونا نقول إنه في مسار يجعلها تتحرك أسرع وفي إتجاه معاكس لإتجاه خالد ..

وما المشكلة في كُل هذا ؟ ..

المشكلة ان خالد وقع في حبها .. منذ كانا ذرة وحيدة مضغوطة قبل الإنفجار .. لكم كان محظوظ أن يتحولوا كلاهما لنجوم بمجرة واحدة ..
أراك تسأل عن المشكلة في ذاك ! ..

ان نجمنتنا شاردة , تتحرك في مسار متعامد علي مسار خالد ..
أتعلم ماذا يفعل الخالد لكي يراها ؟
ينتظرها 1000 عام .. ترتفع أمامه النجمة في بريقها الارجواني وقلبها الثائر الأحمر الملتهب ,تتطاير خلفها المذنبات وتنفجر من الحرارة كالألعاب النارية للخلفية …
وما الخلفية ؟ .. أفق من النجوم و المجرات والشهب والحجارة والرخام والمعادن … أفق يضطر جهازك العصبي ان يركع أمامه ويبكي من شدة ضألتنا وشدة جماله ..

1000 عام من الإنتظار .. في الصمت الموحش .. الصمت الحقيقي الذي لم نختبره قط علي أرضنا ! ..
ان تصمت فتسمع أصوات عروقك تنبض وصوت دمك يسري بهدوء داخل أوردتك وقلبك يشعل الحفل ولا يهدأ ..

الصمت الذي لا تستطيع حنجرتنا البشرية إختراقه .. إنتظر الخالد ..

يتلاقي النجمان مرة واحدة كُل الف عام .. لمدة 24 ساعة .. يقضيه مع حبيبته الشاردة دائماً وابداً ثم ينظرها وهي تنطلق مرة اخرى علي مسارها الذي يبدو من عنده ملتحماً بالأبد ..
كل مرة يلقاها , يجدها أقل إشعاعاً وأكثر شحوباً .. مرت الاف الأعوام ولقاءهم المقدس مستمر ..
أخر كلمة نطقتها الشاردة لحبيبها السرمدي الخالد .. خالد .. هذه المرة لن أعود ..

لم يصدقها .. هو يعلم ان النجوم لا حول لهم ولا قوة ولا يقررون مصائر انفسهم .. سيظلان في مسارهم ذلك إلي الأبد ..

في ميعاد المقابلة المعهود .. ألقى الخالد نظرة علي الأفق .. تأخرت حبيبتي ..

ولكن عندما راقب عن كثب .. وجدها قادمة .. لم يعد لها كياناً ماديا … صارت فراغاً ضئيلاً .. لا بل صارت كثافة رهيبة … صارت بوابة لعالم من الفوضى .. نفذ وقودها وتحولت إلي ثقباً اسود ..
اقتربت أو بالأحرى ابتدأ الخالد بالإقتراب منها , قوة الجذب إليها كانت عنيفة جداً .. ظن أنه سمع صوتها تنادي بأنها أسفة ..
اما هو ففي حياته التي لم يكن يعلم متى بدأت ولا متى تنتهي لم يكن سعيداً كيوم هذا .. لا فقط سيتخلص من صمت الكون الموحش .. بل سيسحق بيدي حبيبته ذاتها ويذوب داخلها .. كيف له أن يتمنى أكثر ..