مدة القراءة

2 دقائق

مَن وضع قوانين الكون !؟

6009 قراءة

قوانين الطبيعة، لن نسأل هذه المرة عنها، لن نسأل عن ما تصفه، لكننا سنسأل عن “مَن وضعها”. بالطبع هذا سؤال في غاية السهولة من حيث طرحه، ولكنه ليس بهذه السهولة في تحليله. البعض يرى أنه ضروري، وأساسي جداً لنصل إلى “إثبات” وجود الله (أو إله). والبعض الآخر يرى العكس، فيري أنه من المهم محاولة إكتشاف هذه القوانين أو دراستها، أما السؤال عن “واضع” للقوانين فهو سؤال بدون جدوى ولن نصل لإجابة واضحة. فإن كنت مهتم بهذا السؤال أكمِل المقالة، أما إذا كنت غير مهتم به، وتراه أنه سؤال غير مُجدي فأكمِل قراءة هذه المقالة أيضًا.
 
مبدأياً، سأتفق مع كلا الرأيين وأختلف معهم في أجزاء آخرى. سأتفق مع الأول في أهمية طرح السؤال وتحليله، لأن العقل البشري البسيط يطرح التساؤل، أو يقدم إجابة صريحة واضحة دون عناء التفكير. ولكن أختلف معه في إمكانية “إثبات” أو “برهنة” وجود إله، وسأتطرق إلى ذلك في مقال آخر. وأتفق مع الثاني في إننا لن نصل (بالعقل) إلى إجابة واضحة، ولكنني أختلف معه في إننا لسنا بحاجة لطرح مثل هذه التساؤلات، أو أنها بدون جدوى.
 
دعنا نبدأ، السؤال عادةً يتم تقديمه ببساطة مع إجابة واضحة، كالتالي:
قوانين الطبيعة هي تصميم رائع، فعلى سبيل المثال: الإنسان مُصمم بشكل رائع لملائمة ظروف الحياة. فقُل  مَن وضع هذه القوانين؟؟
1) هل الإنسان وضع هذه القوانين؟؟ بالطبع لا، فهو نفسه تم تصميمه.
2) هل الكون مَن صمم نفسه ؟؟ بالطبع لا، فالكون غير عاقل ليفعل ذلك، فهو تم تصميمه أيضًا.
لذا فليس لدينا سوى الإعتراف بكائن أعلى، هو مَن قام بوضع هذه القوانين.
 
من أهم هذه الإعتراضات على هذا الدليل* هو أنه مجرد تساؤلات، لا تقودنا مباشرةً إلى النتيجة، لكنها تضعنا أمام فراغ كبير، ونفترض حينها أن الحل الوحيد لهذا الفراغ هو الإله. وهذا يجعلنا ننظر إلى الإله على إنه إجابة لأسئلة يصعب علينا إجابتها الآن، ولكن عندما نجد إجابة أسهل سنضطر إلى سحب هذه الوظيفة من الإله. فعلى سبيل المثال: ظن العديد قبلاً أن البرق سببه غضب الإله، ولكننا الآن لسنا بحاجة إلى هذا التفسير، فالعلم يقدم لنا إجابات آخرى ليست منطلقة من الإله.
ولكن هذا الإعتراض قد وقع في فخ صغير، وهو أنه خلط بين الوكالة agency والتقنية mechanism، فإسناد قوانين الطبيعة إلى “إله” يكون على سبيل الوكالة، فمهما عرفنا طريقة العمل لا يلغي الوكالة. مثال على ذلك: إذا عرفنا كيف تعمل الساعة فنحن عرفنا التقنية، ولكن هذا لا يلغي الوكالة، أي أن هناك صانع لهذه الساعة. بالمثل، فالعلم سيقدم دائماً التقنية، ليصف الطبيعة، ولكن هذا لن يلغي الوكالة. لذا فلن يتبقى من الإعتراض الأول إلا أن هذا الدليل هو تساؤلات لا تقود مباشرةً إلى النتيجة.
 
الإعتراض الثاني: يوجد خلط بين القانون بالمعنى البشري والقانون الطبيعي. فالقوانين البشرية كتجريم تجارة الأعضاء البشرية -مثلاً- يحتاج إلى “مُشَرِع” ليسن هذه القوانين، فالقانون البشري هو نتيجة عقل قام بوضع القانون. لكن القانون الطبيعي هو تصرٌّف الشئ نتيجة طبيعته.  لكن مازال التساؤل، هل طبيعة الشئ مُحددة من ذاتها، أم هناك مَن حددها؟ وفي هذه الحالة سيظل تساؤلاً، وسنرجع إلى الإعتراض الأول، أنه تساؤل لا يقود مباشرةً إلى النتيجة التي يقدمها الدليل.
 
الإعتراض الثالث هو إعتراض خاص، أي أنه مرتبط بالقول أن الكوكب مُصمم لملائمة ظروف الحياة. ينطلق الإعتراض من نظرية التطور، لأنها تقول بأن الإنسان (أو الكائنات الحية بصفة عامة) تكيّف مع ظروف الطبيعة. ففي هذه الحالة، فالطبيعة لم تُصمم بهذا الشكل لملائمة الإنسان، بل أن العكس هو ما حدث، أن الإنسان تلائم مع ظروف الطبيعة.
 
الإعتراض الرابع: هو أننا لم نرى سوى هذا الكون، فلن يمكننا المقارنة لنقول أنه تصميم رائع. فمهما كان تصميم جسدنا -مثلاً- كنا سننبهر به، وبروعة تصميمه. فلو كان الإنسان قد صُمِم هكذا: