مدة القراءة

6 دقائق

هل يوجد مثلية جنسية في المملكة الحيوانية ؟ – تقرير بالعربي

6427 قراءة

يشير اصطلاح الممارسة الجنسية المثلية في الحيوان إلى أي دليل موثق لنشاط جنسي مثلي، أو مثلي ازدواجي لدى الفصائل الأخرى من الكائنات غير الإنسان، وهذا اكبر دليل و إثبات حي على ان المثلية الجنسية ليست حالة قاصرة علي البشر ولا هى ممارسة مضادة للطبيعة، ويتسع الاصطلاح ليشمل النشاط الجنسي المثلي, بكافة درجاته كالمداعبة الحسية والمرافقة والممارسة الجنسية الكاملة بين حيوانين من نفس النوع (ذكرين أو أنثيين). الدوافع والآثار المترتبة على هذا السلوك لا تزال غير مفهومة تماما.

ففي عام 1989 ذكر تقرير أعده ( بروس بيجميل ) أن السلوك الجنسي المثلي لوحظت في قرابة 1500 فصيلة حيوانية تتدرج من الرئيسيات إلى الديدان منها 500 فصيلة موثقة توثيقا تفصيليا.

و من المفهوم أن النشاط الجنسي في الحيوان يتخذ أشكالا متعددة ومختلفة في بعض الأحيان عن الإنسان، كما أن الدوافع الجنسية لدى الحيوان وانعكاساتها على السلوك تختلف عنها في الإنسان وما زالت في معظم الحيوانات قيد الدراسة.

و وفقا لبيجميل “تمتلك المملكة الحيوانية تعددا جنسيا (يشتمل على علاقات جنسية مثلية وعلاقات جنسية ازدواجية وعلاقات جنسية لأغراض أخرى غير التناسل) وذلك على خلاف ما اعتقدته العلماء والمجتمع بأسره في السابق”. وهو ما تشير إليه الأبحاث الحديثة حول الموضوع فقد أشار تقرير أعد عام 2009 حول بحث علمي قديم في هذا الشأن أن السلوك الجنسي المثلي يمكن اعتباره سلوكا عاما مميزا للملكة الحيوانية ككل.

ويشير أيضا الباحث وعالم الجينات ( د. سايمون ليفي ) في بحث أجراه عام 1996 ؛ “أنه ورغم شيوع السلوك الجنسي المثلي في عالم الحيوانات، إلا أنه من غير الشائع على الإطلاق أن تطول علاقة أفراد من أي فصيل لدرجة تغلي السلوك الجنسي المغاير ولذا فإن السلوك الجنسي المثلي -إن صحت التسمية للحيوانات- يبدو نادرا”، فبناء على تجربة تم إجراؤها تم عزل بعض فصائل الحيوانات لفترات طويلة ذكور معا وإناث معا ولم تظهر هذه الفصائل أي بوادر لنشاط جنسي مثلي، بينما تبدي فصائل أخرى استعداد أكبر لنشاط جنسي مثلي كبعض فصائل الخراف التي تمارس ذكورها الجنس المثلي حتى مع توافر الإناث ، وهو ما يؤكد أن الميل للسلوك الجنسي المثلي ليس مرتبطا بالمنع والإتاحة، وأنه خاصية مميزة لفصائل دون أخرى.

تستخدم ملاحظة الجنس المثلي في الحيوانات دليلا مع وضد قبول الجنس المثلي للإنسان في آن واحد ولا سيما فيما يتعلق ب”مخالفته الفطرة”. فعلى سبيل المثال، ذُكرت مسألة الجنس المثلي في الحيوانات ضمن قرار المحكمة العليا للولايات المتحدة في أحد القضايا المتعلقة بالمثلية الجنسية وهو ما أطاح بقوانين منع المثلية الجنسية في 14 ولاية أمريكية. لكن الخلاف حول تأثير العادات الجنسية الحيوانية أخلاقيا ومنطقيا على العادات الجنسية البشرية لا يزال قائما.

استخدم المصطلح للمرة الأولى بواسطة ( كارل ماريا كيرتبني ) في عام 1868 لوصف علاقة جنسية أو انجذاب جنسي بين فردين من نفس النوع، واتسم استخدام المصطلح ذاته لوصف الفعل ذاته في الحيوانات بعدا جدليا، نظرا لأن فهم دوافع وطبيعة العلاقة الجنسية بين الحيوانات آنذاك لم تكن قد تم دراستها بالشكل التفصيلي الذي لدينا الآن، ولم تكن الأبحاث العلمية قد تقدمت بالشكل الذي يمكن العلماء آنذاك من الفصل في طبيعة الأمر وأسبابه، كما أن المصطلح ارتبط ثقافيا وتاريخيا بمسائل شائكة كان العلماء في حل من الخوض فيها.

ولكن الثابت علميا الآن أن تفضيلات ودوافع الحيوان يمكن استقراؤهما من السلوك، ولذا يخضع العلماء الحيوانات للتجارب لفترات طويلة من المراقبة في الطبيعة للوقوف على أسباب ظهور سلوكيات معينة لدى الحيوان، وهو الأمر الذي يستحيل تطبيقه مع بعض المفترسات كالقطط الكبيرة (النمور والفهود وغيرها)، لذا اصطلح العلماء على استخدام المصطلح في صورة “أن الحيوان يظهر سلوكا مثليا”، و هو ما يفترض علميا أن الحيوان كان طبيعيا في طور ما من أطوار حياته ثم أظهر سلوكا مثليا وقت مراقبته، ولكن هذه الصيغة أيضا غير صحيحة بالكلية، فهناك حالات كثيرة مسجلة لفصائل من الحيوانات تظهر سلوكا مثليا يصاحبها منذ الميلاد إلى الممات. و بوجه عام يستخدم هذا المقال، الصيغة الحديثة للفظ المثلية الجنسية في الحيوان، التي تشير إلى المرافقة، المداعبة الجنسية، الممارسة الجنسية الكاملة وصولا للإشباع بين حيوانين من نفس النوع سواء ذكرين أو أنثيين.

لم يرصد السلوك المثلي في الحيوان بشكل علمي رسمي إلا قريبا، ولربما كان ما شجع العلماء لرصد وتوثيق الظاهرة بشكل علمي هو الزخم الإعلامي الذي أحدثته مشكلة حقوق المثليين في العالم الغربي، وتشير ( د. جانيت مان ) الباحثة البيولوحية في جامعة جورج تاون الأمريكية أن ” الباحثين في هذا المجال عادة ما يتهمون بأنهم مدفوعون بأجندات فكرية معينة تهدف للترويج للمثلية الجنسية ” و لكن على الجانب الآخر يمكن أن نرى شبه إجماع بين علماء الأحياء على أنه ” ليس كل سلوك جنسي يتم بهدف التناسل، وهذا مثبت علميا في الإنسان وفي الحيوان كذلك “.

فالجنس في غير مواسم التناسل معروف بين معظم الثدييات والرئيسيات والطيور والأسماك أيضا، ويشير الباحث بيتر بيكمان , منسق معرضAgainst Nature في عام 2007، إلى أنه : “لم يثبت حتى الآن وجود فصيلة حيوانية لا يمارس بعض أفرادها الجنس المثلي باستثناء الفصائل الحيوانية التي لا تحتاج لممارسة الجنس كقنفذ البحر مثلا، فضلا عن أن هناك العديد من فصائل المملكة الحيوانية مزدوجة التوجه، وبالتبعية لا يمكن النظر في مسألة مثليتها من عدمها، لأن المثلية الجنسية في هذه الحالة هي الأصل”

و يشير الدكتور بروس بيجميل إلى أحد أشهر الأمثلة على حدوث الجنس المثلي في الحيوانات، ففي موسم تزاوج الزراف, ينتهي الأمر بأن من بين كل عشر زيجات يقوم بها الزراف تسع على الأقل تتم بين زرافين ذكرين، ويصنف العلماء دوافع الزراف الذكر للجماع المثلي في احتمالية أنه يتم للاستمتاع أو إظهار السيطرة أو الحميمية بين ذكور الزراف.

و تؤكد أبحاث أخرى أن الجنس المثلي بين ذكور الزراف دوافعه تعود لإظهار السيطرة على القطيع، بينما يرجح علماء آخرون من بينهم جوان روجاردان , بروس بيجميل وتييري لوديه وبول فاسيه أن السلوك المثلي في الحيوانات ليس بالضرورة مرتبطا بإظهار السطوة والسيطرة على القطيع، ويستدلون على ذلك بسلوك بعض أفراد البطريق, التي يمارس بعض ذكورها الجنس سويا إلى نهاية حياتهم حتى في حال توافر الإناث. وعلى الرغم من قصور البحث العلمي بشأن تحديد الدوافع بشكل دقيق، فإن السلوك الجنسي المثلي بين الذكور بعيدا عن المنافسة وفي وفرة من الإناث معروف بين فصائل كثيرة من الطيور وبين فصائل من الخراف أيضا. “حوالى 8% من ذكور الخراف تظهر ميلا جنسيا تجاه الذكور وقد أظهرت الدراسات التشريحية نشاطا في بعض الخلايا المخية لدى ذكور الخراف يحدث عند اللقاء الجنسي عنه في نفس الخلايا في الإناث”.

و في واقع الحال فإن هناك ممارسات جنسية مثلية واضحة ومسجلة في الفصائل المستأنثة من الحيوان كالخراف والخيول والقطط والكلاب وغيرها.

بعض الفصائل التي سجلت سلوكا مثليا

الطيور:-

البجع الأسود
يصل تعداد الزيجات المثلية بين أفراد البجع الأسود إلى الربع تقريبا من إجمالي الزيجات الناجحة، ويبني ذكري البجع الأسود عشا لهما تماما كما في الأحوال الطبيعية، أو يعيشون في ثلاثيات Threesome ذكريين وأنثى في عش واحد، وفي موسم التزاوج قد يأتي أحد الذكرين بأنثى يلقحها أحدهما أو كلاهما ثم تضع الأنثى البيض ويتولى الذكرين الزوجين رعاية البيض وتربية الأفراخ الصغيرة بعد الفقس. وهو أمر شائع أيضا في ذكور بجع الفلامنجو.

النورس
يتراوح تعداد الزيجات المثلية في النورس بين 10 إلى 15% من إجمالي الزيجات الناجحة.

طائر أبو منجل
أبو منجل هو طائر مشهور في الريف المصري وفي البيئات الفيضية، وقد أثبتت الأبحاث الطبية أن مستحضر ميثيل الزئبق الذي يترسب في التربة والمجاري المائية من المخلفات الزراعية له تأثير على سلوك هذا الطائر، فزيادة هذا المركب في المستنقعات المائية التي يعيش بها يؤدي لزيادة الميول الجنسية المثلية عند الطائر.

البط البري
يتلاقى الذكور والإناث في موسم الإخصاب، ولكن بعده يعود الذكران للعيش معا ورعاية البيض، وتظهر الدراسات شيوع الجنس المثلي بين ذكور البط البري بنسبة تصل إلى 19% من إجمالي أفراد القطيع.

البطريق
في أوائل عام 2004 كتبت نيويورك تايمز خبرا عن زوجين ذكرين من أحد فصائل البطريق في حديقة سنترال بارك بمدينة نيويورك، وذكرت تفاصيلا عن أن الذكرين يرعيان بيوضا حصلا عليها من أنثى كانا سبق أحدهما أن قام بتلقيحها، وأشار الخبر إلى أن هذه الحادثة ليست الأولى في سنترال بارك.

نسر أسمر
هناك العديد من الحالات المسجلة لتزاوج ذكور النسر الأسمر، وتزاوجهم وبناؤهم أعشاش، أشهرها الحالة التي سجلتها حديقة حيوان أورشليم القدس عام 1998.

الحمام
يتميز الحمام بإمكانية ممارسة الجنس المثلي بين ذكوره معا أو إناثه معا، وكثيرا ما تضع الإناث التي تعيش معا بيوضا غير ملقحة، كما تم ملاحظة أيضا أن بعض أفراد الحمام يستثارون جنسيا من بعض الأشياء غير الحية ويحاولون مداعبتها فيما يشبه الفتيشية عند الإنسان.

الثدييات:-

دولفين الأمازون
تظهر الدراسات الحديثة أن بعض دلافين نهر الأمازون تمارس الجنس الجماعي في حلقات من 3 إلى 5 أفراد تتضمن جنسا مثليا بين أفراد من نفس النوع، فعادة ما تتكون المجموعة من ذكرين بالغين وذكر صغير وأنثيين أو ثلاث إناث. و تحت الرقابة المعملية تمكن العلماء من رصد ممارسة جنسية فريدة من نوعها في عالم الحيوان حيث يقوم ذكر الدولفين بإدخال قضيبه في فتحة أنف ذكر أو أنثى أخرى فيما يشبه الجنس الفموي في الإنسان.

البيسون
يمارس بعض ذكور الثور الأمريكي الممارسة الجنسية الشرجية، وتمارس بعض قبائل الهنود الحمر المتبقة في الولايات المتحدة طقوسا تشير لهذه الظاهرة.

البونوبو والقردة العليا
مجتمع البونوبو هو مجتمع أمومي، تتزعمه أكبر إناث القطيع، وهو أمر نادر الحدوث في قطعان القردة العليا بوجه عام، ويتميز البونوبو بكونه فصيلة مزدوجة الهوية الجنسية بشكل كامل، فأغلب ذكور البونوبو يمارسون الجنس مع الذكور والإناث وأغلب إناثها تمارس الجنس مع الإناث والذكور كذلك، وتحدث الممارسة الجنسية بنسبة 60% بين إناث وإناث في قدرة البونوبو، وقد تم تسجيل حالات مماثلة في معظم القردة العليا وصولا للإنسان.

الفيلة
تمارس أيضا بعض ذكور الفيلة الإفريقية والآسيوية الجنس المثلي وعادة ما يكون مصحوبا بممارسات أخرى كالتقبيل والمداعبة وغيرها. وعادة ما تستمر العلاقة بين ذكري الفيل لعدة سنوات وذلك على عكس العلاقة الجنسية بين ذكر وأنثى الفيل التي تستمر لفترة موسم التزاوج فقط.

الزراف
يمارس أغلب ذكور الزراف ممارسة جنسية مثلية، ولكن عادة ما تكون مصحوبة بسلوك شبه عدواني كالتلاطم بالرقاب، ولكن أثبتت الأبحاث أن هذه الممارسات شبه العدوانية مألوفة كذلك بين ذكور وإناث الزراف في الممارسة الجنسية الطبيعية، وهو ما يرجح كفة أن هذا السلوك هو جزء من التقرب للطرف الآخر وليس عدوانيا.

الأسود
تم تسجيل عدد من المشاهدات للأسود ذكورا وإناثا أثناء ممارسة نشاط جنسي مثلي، وتصل نسبة الذكور الممارسة للجنس المثلي حوالى 8% من إجمالي ذكور القطيع، بينما لم سجلت الإناث معدلا أقل تحت الرقابة المعملية ولم تسجل أي حالات جنس مثلي بين الإناث.