مدة القراءة

3 دقائق

نظرية الكم تتنبأ بأن المستقبل قد يؤثر على الماضي

5403 قراءة

واحدة من أغرب جوانب نظرية الكم يمكن تفسيرها بفكرة أغرب منها وهي أن التسبيب يمكنه أن يؤثر للخلف وليس للأمام فقط. 

ما دعاه أينشتاين بالتأثير “المرعب” منذ زمن يمكنه نظريًا تفسير الأثر الرجعي للسبب، والذي هو مثل أن تشعر بتوعك المعدة اليوم بسبب الأكل الفاسد الذي ستتناوله غدًا.

قام عالمان من أمريكا وكندا بإلقاء نظرة قريبة على بعض الفرضيات الأساسية في نظرية الكم وقررا أنه إذا لم يُكتشف أن الوقت بالضرورة يسير في اتجاه واحد، فالقياسات على جسيم يمكنها أن تعود في الزمن وليس التقدم للأمام فقط.

جميعنا يعلم أن ميكانيكا الكم غريبة. وجزء من هذه الغرابة يعود لأن أساسيات ميكانيكا الكم تفترض أن الجزيئات لا تتصرف ككرات بلياردو صلبة تنحدر على منضدة، ولكنها تتمثل أكثر في سحابة ضبابية من الاحتمالات تتحرك في الغرفة.

هذه السحابة الضبابية تتحول إلى شيء مركز للغاية عندما نحاول قياس الجزيئات فيها، والذي يعني أنه يمكننا رؤية فقط كرة بيضاء ترتطم بكرة سوداء واحدة في جانب واحد من المنضدة ولا يمكننا روية عدد لا حصر له من الكرات البيضاء ترتطم بالسوداء في كل جوانب المنضدة.

وهذا جدال بين الفيزيائيين على أن سحابة الاحتمالات هذه تعبر عن شيء حقيقي أم أنها فقط تشبيه مناسب.

قال فيزيائي يدعى “هاو برايس” عام 2012: “إذا ما دلت غرابة احتمالات خلف حالة الكم على شيء حقيقي وأن لا شيء يمنع الوقت من السير في كلا الاتجاهين فإن الكرة السوداء في سحابة الاحتمالات هذه يمكنها نظريًا أن تخرج من الجيب وتعود لترتطم في الكرة البيضاء!”

“تنص الاعتراضات على أن في الوقت متماثل في الفيزياء الكلاسيكية ولم يظهر أي أثر للسبب الرجعي. فلماذا يختلف عالم فيزيا الكم؟” كتبه برايس، على لسان افكار معظم الفيزيائيين.

ماثيو س. ليفر من جامعة تشابمان في كاليفورنيا وماثيو ف. باسي من معهد بيريميتر للفيزياء النظرية في اونتاريو يتعجبان أيضًا إذا ما كان عالم فيزيا الكم سيكون مختلفًا عندما يتعلق الأمر بالوقت.

كلًا منهما يتشارك مع افتراضات برايس وطبقا نموذجهما الجديد على نظرية بيل، والتي تعد أمر كبير في ذلك التأثير المرعب.

يقول جون ستيوارت بيل أن الأشياء الغريبة التي تحدث في ميكانيكا الكم لا يمكن تفسيرها بأشياء تحدث في أماكن قريبة. كما لو أنه لا يوجد شيء يسبب ذهاب كرات البلياردو في اتجاهات مختلفة. فالكون عشوائي في الأساس.

ولكن ماذا عن الأحداث التي تحدث في أماكن آخرى.. أو أوقات آخرى؟ هل يمكن لأشياء بعيدة التأثير في سحابة الاحتمالات بدون لمسها، بالطريقة التي قال عنها اينشتاين “مخيفة“؟

إذا ما ارتبط جزيئان في نقطة ما في الفضاء، فإن قياس إحداهما سوف يشير بشكل ما إلى الآخر أينما تحركت في الكون!

هذا ‘التشابك‘ تم اختباره كثيرًا في ضوء نظرية بيل، ليسد فجوات التي تبين أنهما ربما يتفاعلان على مستوى محلي بطريقة ما، مهما كانت المسافة بينهما.

وكما تخمن، فالكون ما زال مخيفًا للغاية.

ولكن إذا ما كانت السببية تعود للخلف، فهذا قد يعني أن الجزيء يمكنه حمل معلومات القياس في المستقبل عندما حدث الاشتباك، الذي يؤثر على الجزيء الآخر! وهذه هي فرضية ليفر وباسي.

ويقول ليفر لـ ليزا زيجا في Phys.org: “هناك مجموعة صغيرة من الفيزيائيين والفلاسفة يعتقدون أن هذه الفكرة تستحق السعي وراءها.”

عبر إعادة صياغة عدة فرضيات أساسية، طور الباحثون نموذج يعتمد على نظرية بيل التي فيها تم استبدال المكان بالزمان. ومن خلال الحسابات، استنتجوا أنه إذا لم نثبت أن الزمان يجب أن يسير للأمام، فسوف نصل إلى بعض التعارضات. وبدون الحاجة لقول أن فكرة الأثر الرجعي للسبب هي فكرة هامشية.

“ليس هناك -على حد علمي- تفسير كامل لنظرية الكم تشرح كامل النظرية وكل ثغرات هذه الفكرة. إنها أكثر من فكرة في الوقت الحالي، ولذلك اعتقد أن الفيزيائيين الآخرين مرتابون، وأن عبء إيجاد حل للمشكلة يقع علينا نحن.”

والآن ضع في عقلك، أن هذا النوع من التوقت العكسي لا يعني أنك ستكون قادرًا على العودة بالزمن وتغيير المسببات لتغيير الحاضر. علماء المستقبل أيضًا لن يكونوا قادرين على ترميز أرقام حظ في هيئة الكترونات متشابكة وارسالها لنسخ أصغر منهم.

على أي حال، فكرة رجوع أي شيء بالزمن ليست فكرة مستساغة. ولكن دعنا نواجه الأمر، عندما يتعلق الأمر بظاهرة مثل التشابك، أي تفسير يمكن قوله سيكون تفسير مجنون.